كان هناك في بلدة ريفية بعيدة فتاة صغيرة , جميلة , شقية تملك من الجمال القدر الكافي ليجعلها جميلة و تملك روحا تحييها لاخر الدهر ولديها من الشجاعة ما يجعلها تبدوا اكبر واعمق .
ارادت تلك الفتاة ان تصنع نبته صغيرة بجانب نافذة حجرتها , لتنمو على اثرها وتساندها وترويها متى عطشت ,وبالفعل اعطت الفتاة الحياة لبذرة صغيرة اختارتها لتكون ضلا لها بمرور العمر وغرستها بجانب نافذتها لتصبح قريبة منها واخذت تسقيها وتحدثها كالجنين الصغير متلهفة لرؤيتها تطفو الى الحياة .
واشرقت شمس احدى الايام على البذرة المدفونة واذا بالفتاة ترى وريقة صغيرة تطل للحياة شيئا فشيئا وركضت مسرعة لتسجل تاريخ هذا اليوم وكأنها تكتب شهادة ميلاد لطفلتها المنتظرة ..
ظلّت تحافظ عليها وتسقيها وهى سعيدة جدا بخطوات نموها حتى اصبح لها ساق قادرة على الصمود , وعدة اوراق متناثرة و تسجيلا لهذه اللحظة في ذاكرتها قطعت الفتاة الصغيرة ورقة صغيرة من شجرتها لتحفظها للابد بين اوراق كتاب محبب لها وكتبت بجانب الورقه هذا التاريخ الذي يعد ذكرى ميلادها , وربما كانت تلك الورقة هى الوحيدة التى قطعتها الفتاة بكل ارادتها .
كبرت الفتاة وكبرت معها شجرتها الكائنة تحت نافذتها واكملت عامها الرابع واصبح طولها لا بأس به واذا بها تتفاجأ بطير جميل يغزل قشا قليلا ليصنع عشا صغير بين احدى اغصانها , ويضع الطير بيضه وسط هذا القش , وتنظر الطفله المراهقة الي شجرتها بكل حب غير متمالكة لنفسها من شدة سعادتها بانها لم يكن عندها فقط شجرة بل اصبحت تملك اسرة صغيرة تتآوى في شجرتها الصغيرة وظلت تراقب طيورها بحرص حتى شهدت خروجهم للحياة وخرج من البيض ثلاث طيور صغيرة جدا يعيشوا على قوت والدتهم ينتظروا مجيئها بالعدة والعتاد عند الغروب ..
اخذت الفتاة تتابع اسرتها الجديدة بكل رفق واهتمام حتى استشعرت خطرا كبيرا فراحت تنظر اليهم لتجد مجموعة من الاطفال يلعبون تحت شجرتها ويهمّون بالقاء الحجارة على اوراق الشجرة المراهقة لتتساقط الاوراق شيئا فشيئا حتى اصيب العش من الحجارة الهائجة , واطلق الطيور صرخات الاستنجاد بامهم علّها تسمعهم عبر السماء الفسيحة وتحميهم من اثر الهجوم ..
وتصيح ايضا الفتاة " اتركوا الصغار ليعيشوا , لا تؤذوهم .. ابتعدوا عن صغاري " لكن صراخها وصراخهم بلا جدوى حيث وقع شها الصغير ارضا وتناثر القش و ضاعت العصافير الصغار بين اقدام هؤلاء الحاقدين الحمقى , واخذت الفتاة تبكي طيورها حتى اتت امهم بالعشاء الثمين لتجد لا شىء بل تجد فقط قشا متناثرا بين الاغصان ولا وجود لصغارها ولا تملك سوى التغريد باكية على صغارها بشجن قاتل وتنظر للفتاة كأنها تلومها عدم تدخلها لانقاذهم , ويبكوا سويا على خسارتهما الفاجعه وتغادر الام وحيدة بلا صغار وتترك الشجرة الضعيفة وحيدة مهجورة بلا حياة .
ونظرت الفتاة لشجرتها بحسرة وألم وكأنها خانت العهد والامانة التى كانت بين اغصانها وتغلق نافذتها لتنام حزينة . وتحلم الفتاة بالحياة الجديدة و بطيور جديدة صغيرة , وتصحوا تعتذر لشجرتها الضعيفة وتعدها بعدم القسوة عليها مرة اخرى , واخذت تخطط لحماية طفلتها البكر من كل مخرب معتدي , وبدأت تلك الخطة ببناء سور شائك حول شجرتها و اخذت تعليه يوما بعد
يوم وظنت انها صنعت الدرع المناسب لحفظ شجرتها بامان وظلت تنتظر مواسم الطيور لتستمتع بعش جديد واسرة جديدة .
وبعد عدة ايام في الصباح الباكر نعمت الفتاة بعائلة جديدة تسكن بين اغصان شجرتها ويتكرر المشهد الجميل حيث تمايل
اغصانها بحفيف رائع يتوجه صوت العصافير المغردة الجائعة , ومرت الايام واذا بيوم من الايام تقرر الام تعليم صغارها الطيران واطلاقهم للحياة وتراقبهم الفتاة عن بعد وهى سعيدة بمشهد تراه للمرة الاولى ,
وللاسف .. يقع الصغير من بين اجنحة امه ليرتطم بالاسلاك الشائكة الحامية للشجرة ويبكى الصغير متألما لجراحه النازفة وينظر لامه لائما لماذا تركته يقع في هذا الالم ؟
وتنهمر دموع الفتاه على المشهد الدامى الذى تحول بكل قسوة من الحياة الى الموت والالم ... وتعاتب نفسها لقد مات العصفور بسبب اسلاكى .. وتنظر لشجرتها متحدثة اليها بحزن شديد " لماذا تحولتى من رمز للحياة الى سبب للموت والالم ؟؟ هل اصبحت اغصانك جافة الى هذا الحد ؟؟ الا تستطعين ان تنشري امانك لمن احتمى بسترك وضلك ؟! فقد ظننتك امانى وستري وحياتى لكنك اصبحت قاسية جدا على اضعف المخلوقات المحتمية فيكى .. سأتركك وحيدة .
واغلقت نافذتها تماما وحاولت نسيان تلك الشجرة تماما وتنكرها وان نظرت اليها تهرب عنها وتهمس لنفسها " انا لا اريد هذا الالم مرة اخرى " وبمرور السنين نمت الشجرة وحيدة بلا اهتمام ولا وليف ولا حياة اخرى بين اغصانها .. بدت كئيبة ذات اوراق هشة متناثرة على اطرافها .
وانتقلت الفتاة تتابع دراستها بمكان يبعد عن هذا الريف تكبر وتعيش اختبارات عديدة ودائما هناك صوت يهمس داخلها يذكرها بشجرتها اللتى كانت صغيرة مثلها وتتساءل كيف اصبحت ؟ وتعاتب نفسها على قسوتها على تلك الشجرة ,, لكنها الان بعيدة لا تستطيع مصالحتها والرجوع الي ضلها او حتى مراقبتها من بعيد .
وتمر سنين الدراسة وتعود الفتاة لقريتها ومنزلها الصغير تتأمل كل ما فاتها من تغييرات واحداث وتتجول بين الزروع والاشجار متلهفة للقاء المنتظر الذى سيجمعها بطفلتها البكر متخيلة غزارة اوراقها ومتانة اغصانها لانه كان ربيعا ...وعاهدتها الا تتركها مرة اخرى ..
وعندما وصلت الفتاة كانت الصدمة الكبيرة انها كائنة هناك في هدوء , هزيلة الاغصان , بخيلة الاوراق , جافة الساق , انها ضعيفة جدا " لا يمكن ان تكون تلك شجرتى التى سهرت عليها انظف اوراقها وارويها واتحدث اليها واتمتع بظلّها !! " وتبكى الفتاة مرددة " انه ربيعا ! اين اوراقك ؟
اين الحياة التى كنت استمدها منك ؟
اين ربيعك يا صغيرتى ؟
لمذا تبدلت فصولك بالخريف الدائم ؟ "
ومضت الى حجرتها الصغيرة حزينة تراقب طفلتها العجوز هامسة :
" كيف يكون هناك ربيع بلا اوراق ؟ "

3/9/2013
ارادت تلك الفتاة ان تصنع نبته صغيرة بجانب نافذة حجرتها , لتنمو على اثرها وتساندها وترويها متى عطشت ,وبالفعل اعطت الفتاة الحياة لبذرة صغيرة اختارتها لتكون ضلا لها بمرور العمر وغرستها بجانب نافذتها لتصبح قريبة منها واخذت تسقيها وتحدثها كالجنين الصغير متلهفة لرؤيتها تطفو الى الحياة .
واشرقت شمس احدى الايام على البذرة المدفونة واذا بالفتاة ترى وريقة صغيرة تطل للحياة شيئا فشيئا وركضت مسرعة لتسجل تاريخ هذا اليوم وكأنها تكتب شهادة ميلاد لطفلتها المنتظرة ..
ظلّت تحافظ عليها وتسقيها وهى سعيدة جدا بخطوات نموها حتى اصبح لها ساق قادرة على الصمود , وعدة اوراق متناثرة و تسجيلا لهذه اللحظة في ذاكرتها قطعت الفتاة الصغيرة ورقة صغيرة من شجرتها لتحفظها للابد بين اوراق كتاب محبب لها وكتبت بجانب الورقه هذا التاريخ الذي يعد ذكرى ميلادها , وربما كانت تلك الورقة هى الوحيدة التى قطعتها الفتاة بكل ارادتها .
كبرت الفتاة وكبرت معها شجرتها الكائنة تحت نافذتها واكملت عامها الرابع واصبح طولها لا بأس به واذا بها تتفاجأ بطير جميل يغزل قشا قليلا ليصنع عشا صغير بين احدى اغصانها , ويضع الطير بيضه وسط هذا القش , وتنظر الطفله المراهقة الي شجرتها بكل حب غير متمالكة لنفسها من شدة سعادتها بانها لم يكن عندها فقط شجرة بل اصبحت تملك اسرة صغيرة تتآوى في شجرتها الصغيرة وظلت تراقب طيورها بحرص حتى شهدت خروجهم للحياة وخرج من البيض ثلاث طيور صغيرة جدا يعيشوا على قوت والدتهم ينتظروا مجيئها بالعدة والعتاد عند الغروب ..
اخذت الفتاة تتابع اسرتها الجديدة بكل رفق واهتمام حتى استشعرت خطرا كبيرا فراحت تنظر اليهم لتجد مجموعة من الاطفال يلعبون تحت شجرتها ويهمّون بالقاء الحجارة على اوراق الشجرة المراهقة لتتساقط الاوراق شيئا فشيئا حتى اصيب العش من الحجارة الهائجة , واطلق الطيور صرخات الاستنجاد بامهم علّها تسمعهم عبر السماء الفسيحة وتحميهم من اثر الهجوم ..
وتصيح ايضا الفتاة " اتركوا الصغار ليعيشوا , لا تؤذوهم .. ابتعدوا عن صغاري " لكن صراخها وصراخهم بلا جدوى حيث وقع شها الصغير ارضا وتناثر القش و ضاعت العصافير الصغار بين اقدام هؤلاء الحاقدين الحمقى , واخذت الفتاة تبكي طيورها حتى اتت امهم بالعشاء الثمين لتجد لا شىء بل تجد فقط قشا متناثرا بين الاغصان ولا وجود لصغارها ولا تملك سوى التغريد باكية على صغارها بشجن قاتل وتنظر للفتاة كأنها تلومها عدم تدخلها لانقاذهم , ويبكوا سويا على خسارتهما الفاجعه وتغادر الام وحيدة بلا صغار وتترك الشجرة الضعيفة وحيدة مهجورة بلا حياة .
ونظرت الفتاة لشجرتها بحسرة وألم وكأنها خانت العهد والامانة التى كانت بين اغصانها وتغلق نافذتها لتنام حزينة . وتحلم الفتاة بالحياة الجديدة و بطيور جديدة صغيرة , وتصحوا تعتذر لشجرتها الضعيفة وتعدها بعدم القسوة عليها مرة اخرى , واخذت تخطط لحماية طفلتها البكر من كل مخرب معتدي , وبدأت تلك الخطة ببناء سور شائك حول شجرتها و اخذت تعليه يوما بعد
يوم وظنت انها صنعت الدرع المناسب لحفظ شجرتها بامان وظلت تنتظر مواسم الطيور لتستمتع بعش جديد واسرة جديدة .
وبعد عدة ايام في الصباح الباكر نعمت الفتاة بعائلة جديدة تسكن بين اغصان شجرتها ويتكرر المشهد الجميل حيث تمايل
اغصانها بحفيف رائع يتوجه صوت العصافير المغردة الجائعة , ومرت الايام واذا بيوم من الايام تقرر الام تعليم صغارها الطيران واطلاقهم للحياة وتراقبهم الفتاة عن بعد وهى سعيدة بمشهد تراه للمرة الاولى ,
وللاسف .. يقع الصغير من بين اجنحة امه ليرتطم بالاسلاك الشائكة الحامية للشجرة ويبكى الصغير متألما لجراحه النازفة وينظر لامه لائما لماذا تركته يقع في هذا الالم ؟
وتنهمر دموع الفتاه على المشهد الدامى الذى تحول بكل قسوة من الحياة الى الموت والالم ... وتعاتب نفسها لقد مات العصفور بسبب اسلاكى .. وتنظر لشجرتها متحدثة اليها بحزن شديد " لماذا تحولتى من رمز للحياة الى سبب للموت والالم ؟؟ هل اصبحت اغصانك جافة الى هذا الحد ؟؟ الا تستطعين ان تنشري امانك لمن احتمى بسترك وضلك ؟! فقد ظننتك امانى وستري وحياتى لكنك اصبحت قاسية جدا على اضعف المخلوقات المحتمية فيكى .. سأتركك وحيدة .
واغلقت نافذتها تماما وحاولت نسيان تلك الشجرة تماما وتنكرها وان نظرت اليها تهرب عنها وتهمس لنفسها " انا لا اريد هذا الالم مرة اخرى " وبمرور السنين نمت الشجرة وحيدة بلا اهتمام ولا وليف ولا حياة اخرى بين اغصانها .. بدت كئيبة ذات اوراق هشة متناثرة على اطرافها .
وانتقلت الفتاة تتابع دراستها بمكان يبعد عن هذا الريف تكبر وتعيش اختبارات عديدة ودائما هناك صوت يهمس داخلها يذكرها بشجرتها اللتى كانت صغيرة مثلها وتتساءل كيف اصبحت ؟ وتعاتب نفسها على قسوتها على تلك الشجرة ,, لكنها الان بعيدة لا تستطيع مصالحتها والرجوع الي ضلها او حتى مراقبتها من بعيد .
وتمر سنين الدراسة وتعود الفتاة لقريتها ومنزلها الصغير تتأمل كل ما فاتها من تغييرات واحداث وتتجول بين الزروع والاشجار متلهفة للقاء المنتظر الذى سيجمعها بطفلتها البكر متخيلة غزارة اوراقها ومتانة اغصانها لانه كان ربيعا ...وعاهدتها الا تتركها مرة اخرى ..
وعندما وصلت الفتاة كانت الصدمة الكبيرة انها كائنة هناك في هدوء , هزيلة الاغصان , بخيلة الاوراق , جافة الساق , انها ضعيفة جدا " لا يمكن ان تكون تلك شجرتى التى سهرت عليها انظف اوراقها وارويها واتحدث اليها واتمتع بظلّها !! " وتبكى الفتاة مرددة " انه ربيعا ! اين اوراقك ؟
اين الحياة التى كنت استمدها منك ؟
اين ربيعك يا صغيرتى ؟
لمذا تبدلت فصولك بالخريف الدائم ؟ "
ومضت الى حجرتها الصغيرة حزينة تراقب طفلتها العجوز هامسة :
" كيف يكون هناك ربيع بلا اوراق ؟ "

3/9/2013